القائمة الرئيسية

الصفحات

الإدارة الإلكترونية ودورها في محاربة الفساد الاداري والسياسي في البلدان العربية




الادارة الالكترونية ودورها في محاربة الفساد الاداري والسياسي

الإدارة الإلكترونية ودورها في محاربة الفساد الإداري والسياسي في البلدان العربية

رغم ما تملكه البلدان العربية من ثروات بشرية وباطنية وطبيعية هائلة، فإنّها مازالت تعيش التخلّف والفقر، وبقيت في تبعية مطلقة لدول المركز. واذا نظرنا إلى هذه مسألة من زاوية موضوعية، فإننا ندرك جيّدا السبب الحقيقي الذي أدّى إلى تردّي أوضاع المجتمعات المحلية وجعلها تعاني القهر والقمع والاقصاء والتهميش. وهذا السبب هو دون شك استفحال الفساد الإداري والسياسي في الدول العربية. فأين تتجلّى مظاهر الفساد الإداري والسياسي؟ كيف نتصدّى إلى هذا الفساد؟ هل بواسطة الإدارة الإلكترونية ورقمنة الإدارة؟ أم برفض الإكراهات التي يفرضها الفاسدون من الاداريين والسياسيين ؟

1. تعريف الإدارة الإلكترونية

الإدارة الإلكترونية هي شكل آخر من الإدارة، أكثر تطوّر وسرعة ودقة وتنظيما من الإدارة التقليدية. حيث يتم الاعتماد بالأساس على تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في كل الإدارات العمومية. وهذا يعني تحوّل جذري في طريقة المعاملات بين الإداري وطالب الخدمة الإدارية، تحوّل من المعاملات الورقية إلى المعاملات الإلكترونية.

2. أهمية الإدارة الإلكترونية

أسهم التحديث القسري الذي تعرضّت له الدول العربية وانخراطها فيما يسمّى بالعولمة في ارباك مخطّطاتها واستراتيجياتها الهادفة إلى إصلاح هياكلها. ويعتبر الهيكل الإداري من أبرز الهياكل التي مازالت مستمرّة في النشاط بطريقته التقليدية. وهذا ما يحرم المجتمعات العربية من الانتفاع بالخدمات التي تقدّمها الإدارة الإلكترونية، خاصّة وأنّ هذه الإدارة تبسّط الإجراءات الإدارية وتسهم في مساعدة المواطن على ربح الوقت من أجل قضاء مصالحه الشخصية والجماعية من داخل البلاد ومن خارجها. كما تضمن الإدارة الإلكترونية الشفافية والمصداقية في التعامل مع المسائل الإدارية. ولسائل أن يتساءل لماذا لم يتطور الهيكل الإداري في البلدان العربية؟ هل هي أزمة بنية تحتية ولوجستيك؟ أم أنّ الإداريون والسياسيون هم من يريدون البقاء على الإدارة التقليدية التي تخفي فسادهم الإداري والسياسي؟

3. الإدارة التقليدية: الفساد الإداري والسياسي

تطور الشعوب العربية بمدى فاعلية الهياكل الإدارية وشفافيتها، غير أنّ التمركز المفرط للإدارة في البلدان العربية قد أسهم في بروز ظواهر اجتماعية خطرة مثل الرشوة والمحسوبية، وهذا من شأنه أن يجعل النظام الإداري عاملا مساعدا على نسف كل القيم والمبادئ التي تنبني عليها المجتمعات المحلية.

لم يستوعب الفاعلون في المجال السياسي والإداري، أنّ سبب هلاك الشعوب العربية وتأخّرها هو التصرّفات غير المسؤولة لهذه الهياكل وتعمّدها الإبقاء على النظام الإداري التقليدي حتّى تسطيع تنفيذ مخطّطاتها ودوافعها المادية المعنوية والسياسية. المسؤول الإداري والسياسي في الدول العربية هو " ذلك الفرد الذي ينتمي إلى هيئة أو مصلحة أو مؤسسة خدمية، ويحول دون إتمام مصالح المجتمع المحلي، ويميل إلى عرقلتها متذّرعا بالقوانين واللوائح والقواعد والتعليمات بما يثير سخط التعامل معه"[1]. وعلى هذا الأساس، تكون الإدارة التقليدية من أبرز العوائق التي حالت دون تقدم شعوب البلدان العربية. لقد أسهمت البيروقراطية الإدارية بدرجة كبيرة في تنامي الفساد الإداري والسياسي في العالم العربي. وقد ترجم هذا الفساد إلى ممارسات فعلية على أرض الواقع. فتفشّت ظاهرة الرشوة والمحسوبية والتدليس والثراء غير الشرعي والتسلّط وجور الحكّام والمسؤولين في الدولة وغيرها من الظواهر الأخرى التي تتسبّب يوميا في معاناة المجتمعات المحلية.

4.الإدارة الإلكترونية ومحاربة الفساد الإداري والسياسي

من الواضح أنّ الإدارة بمفهومها التقليدي هي سبب تخلّف الشعوب العربية. وبالتالي أصبح تحديث هذا الجهاز الهام ضرورة ملّحة. ويرتبط هذا التحديث بإحداث ثورة تكنولوجية في صلب الإدارة حتى تستجيب لمتطلبات المجتمعات المحلية وتقطع مع السائد. ومن الأهداف الحقيقية التي نستطيع تحقيقها بواسطة الإدارة الإلكترونية:

* ضمان الشفافية في التعاطي مع الملفات والقضايا الإدارية.

* القضاء على الفساد الإداري والسياسي عبر رقمنة الاقتصاد والمعاملات المالية والصفقات العمومية.

* ضمان النفاذ إلى المعلومة الإدارية بأيسر الطرق وبسرعة.

*.القضاء على الظواهر التي تتسبب في انهيار المجتمعات العربية على غرار الرشوة والإقصاء والمحسوبية والتهرّب الضريبي والعبء الضريبي وغيرها من الظواهر الأخرى العديدة.

* تحقّق الإدارة الإلكترونية العدالة بين جميع الفاعلين الاجتماعيين.

* القضاء على الروتين الإداري وعلى المماطلة والتعقيدات الإدارية التي تعطل مصالح المجتمع المحلي.

* بناء علاقات تواصل ايجابية بين الإداري والمواطن.

* تمكن الإدارة التكنولوجية الفاعلين الاجتماعين من مراقبة عمل الإدارة والمشاركة في أخذ القرارات الإدارية التي ترتبط بمصالح المجتمع المحلي.

* استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل الحصول على الخدمة الإدارية عن بعد، خاصة وأننا نعيش زمن العولمة والمجتمع الشبكي. وهذا يعني أنّ الحدود الجغرافية والزمنية لم تعد عائقا أمام الحصول على الخدمات الإدارية.

وهكذا تبقى الإدارة الإلكترونية من أبرز المقومات التي تقوم عليها الأمم المتقدمة، خاصة وأن أغلبية البلدان ومنها البلدان العربية أصبحت ملزمة بالارتباط بالعالم الرقمي الذي فرضته العولمة. لذلك أصبح تحديث الإدارة في العالم العربي وربطها بشبكات الاتصالات ضرورة ملحة نظرا للتنامي المستمر للعديد من الظواهر الخطرة (البيروقراطية الإدارية، المحسوبية، الرشوة...) التي تهدد سلمنا وأمننا الاجتماعيين.

 

 




[1]  أنظر مقال لمحمد حديدو، نظرية البيروقراطية، مجلّة، موقع العلوم الاجتماعية، المغرب، نشر بتاريخ 04/12/2012، ص.9





هل اعجبك الموضوع :
author-img
Arbi Jabli, chercheur en sociologie et spécialiste en sciences de l'éducation

Commentaires