القائمة الرئيسية

الصفحات

لغة الجسد وعملية التواصل غير الشفهي - العيون مثالا



لغة الجسد وعملية التواصل غير الشفهي -  العيون مثالا

لغة الجسد وعملية التواصل غير الشفهي، العيون مثالا

من المعروف أنّ لغة الجسد قد سبقت بكثير اللغة الشفهية واللغة المكتوبة. وقد اقترنت هذه اللغة بوجود الانسان البدائي، الذي ابتكرها لتسهيل عمليّة تواصله مع بني جنسه. وتشمل عمليّة الاتّصال غير الشفهي كل الحركات والإيماءات والإشارات التي يقوم بها أعضاء الجسم، كلّ حسب وظيفته. وقد تواصلت عملية الاتّصال هذه إلى وقتنا الحالي. وتوسّعت تطبيقاتها لتشمل مجالات البيع والشراء والعلاقات العاطفية وعروض الأزياء وفنون الحوار الرسمي وغير الرسمي. وإذا نظرنا إلى هذه المسألة من زاوية أنتروبولوجية واجتماعية ونفسية، ندرك عمق دلالاتها ونتعرّف على أهميتها في عمليّة التواصل بين الأفراد والجماعات. وباعتبار أنّ العين تغطّي وتعطي كلّ اشارات الاتصالات البشرية الأكثر كشفا ودقّة، سنعتمدها كمثال لدراسة لغة الجسد ودورها في عمليات التواصل غير الشفهي. وللإلمام بمختلف الجوانب المحيطة بهذه المسألة نتناول بالدرس المحتويات التالية: تعريف التواصل غير الشفهي، النسق التاريخي لتطوّر لغة الجسد، أشكال العيون ومميّزاتها، التواصل غير الشفهي من خلال لغة العيون.

1. ماذا نقصد بالتواصل غير الشفهي؟

التواصل غير الشفهي هو تلك العملية المعقّدة التي تشمل البشر، وتتمثّل في الحركات والإيماءات والإيحاءات والإشارات الصامتة. فهو وسيلة للتواصل والاتصال تعتمد كليّا على لغة الجسد، والتي بواسطتها تتمّ عمليّة التفاوض بين الأفراد والجماعة. فلغة الجسد هي باختصار القناة غير الشفهية التي تعوّض الرسائل الشفهية.

2. النسق التاريخي لتطوّر لغة الجسد

سبقت لغة الجسد من حركات وإيماءات وإيحاءات اللغة المكتوبة واللغة الشفهية، فهي قناة التواصل الوحيدة للإنسان البدائي. ثمّ تطورت عبر العصور، لتصبح أكثر تأثيرا من اللغة المنطوقة والمكتوبة، حيث أصبحت تتدرّس في أعرق الجامعات في العالم. كما استأثرت باهتمام الإغريق والرومان في العصور القديمة، ثم تواصل هذا الاهتمام بلغة الجسد في العصور الوسطى وتم التركيز عليها في عصرنا الحاضر. فقد أصبح موضوع التواصل غير الشفهي مجال بحث وتدقيق من قبل علماء النفس وعلماء الاجتماع نظرا لتوسّع تطبيقاته الميدانية. وعلى هذا الأساس، أصبح التواصل غير الشفهي ( لغة الجسد ) علما من العلوم التي تدرّس في أعرق الجامعات العالمية.

3. أشكال العيون ومميّزاتها

تغنّى الشعراء بالعيون وامتدحها العشّاق والمحبّون ودرسها علماء النفس وعلماء الاجتماع وبحثوا في أشكالها وفي مدلولاتها السوسيو-نفسية. ونقدّم في هذه الورقة البحثية قراءة لجملة من أشكال العيون ونتعرّف على مدلولاتها وعلى تأثيرها في العملية التواصلية.

العيون البريئة / الحنون:

تتميز بثبات وهدوء النظرات، ورغم الاطمئنان لهذا الشخص وسهولة التعامل معه، إلاّ أنّ شخصيته تتميز في أغلب الحالات بالسذاجة.

العيون الحزينة / الذابلة:

تتميّز بالذبول وبارتخاء الجفون كأنها تغالب النعاس، ويعيش صاحب هذه العيون انكسارا وألما داخليا. وتتميّز هذه الشخصية بالسلبية وعدم الاكتراث.

العيون الشرّيرة / الجاحظة:

فهي جاحظة قليلا وشديدة الحركة، صاحب هذه العيون لا يؤتمن، تعلوه نزعة من التكبّر والتفاخر المصطنع ويصوّر نفسه على أنّه العارف والمطّلع على أحوال غيره، رغم أنّه في الحقيقة يعاني من عقدة داخلية مردّها الشعور الدائم بالنقص.

العيون الغائرة:

تتميّز بشكلها الدائري، وصاحب هذه العيون شديد الغضب وكثير التشكّي ويتحيّن الفرصة المناسبة ليردّ الفعل. فهو صبور على من ظلمه ولو إلى حين.

العيون الصغيرة / المستديرة:

يتميّز صاحبها بالذكاء وسرعة البديهة ولا تنطلي عليه الحيل. وتتميّز هذه الشخصية بالكتمان ورفعة النفس والأنفة ...

4. لغة العيون: التواصل غير الشفهي

اهتمّ الانسان عبر التاريخ بأشكال العيون وبتأثيراتها في السلوك البشري، لما لها من دور أساسي في عمليّة التواصل، حيث تدل كل حركة وكل إشارة أو إيماءة على معنى أو دلالة معيّنة. وتعتبر العين من أبرز أعضاء الجسد التي تؤمن بوضوح الرسائل غير الشفهية بين الأفراد والجماعات. ففي حياتنا اليومية عادة ما نستخدم عبارات دلالية لوصف عيون الأفراد والتي تحدد طريقة وكيفية التواصل معهم. ومن أشهر العبارات التي تستخدمها كل الشعوب تقريبا "العيون الحادّة"، "العيون المخادعة"، "العيون الشرّيرة"، "العيون العسلية"، " العيون الجذّابة "، " سهام العينين "، " شرر العينين "...

إنّ استخدامنا لهذه العبارات هو في حقيقة الأمر إشارة لحجم بؤبؤ العين الذي يعطي إشارات واضحة لنوعية العلاقة التواصلية غير الشفهية بين المتخاطبين. وهذا ما يؤكّد مقولة " انظر إلى عينيّ الشخص عندما تتحدث إليه "، وبذلك نستطيع كشف حقيقة مشاعره. ولفهم لغة العيون وتفسيرها وتحليلها نقدّم الأمثلة التالية:

1.4. النظرة المحدّقة:

وهي النظر " عينا لعين " إلى شخص آخر، فتنشأ عمليّة تواصلية بينك وبينه وتتحدّد على إثرها طبيعة ونوعية هذه العلاقة، إيجابية كانت أو سلبية. لكن كيف يمكن أن تكون لغة العيون الوسيلة أو الأداة التي بواسطتها نستجلي حقيقة الطرف المقابل؟ هناك مقيسان لذلك، فعندما يكون الفرد غير صادق في أفعاله، فإنّ عينيه تلتقي عينينا أقل من ثلث الوقت المخصّص لتلك النظرة. أمّا إذا تجاوزت تلك النظرة ثلثي الوقت ، فإنّ هذا الشخص قد يكون معجبا بشخصيتك أو بمواقفك أو بحديثك أو أنّه عدائي تجاهك وقد يكون يستخدم تحدّيا غير شفهي. 

2.4. النظرة الحميمية:

تتحرّك العين في النظرة الحميمية في مجال محدّد، تبدأ من النظر إلى عينين الطرف المقابل وتحت الذقن إلى سائر أعضاء الجسد. ويستخدم الجنسين هذه النظرة لإظهار اهتمام أحدهما بالآخر، وأولئك الذين يكونون مهتمّين يردّون نفس النظرة.

3.4. النظرة العملية:

وهي النظرة التي ترتبط بالعمل في المؤسسات والإدارات وفي المعامل وغيرها من أماكن العمل الأخرى. ففي الاجتماعات الرسمية والمناقشات تتركّز عينا المسؤول على منطقة مثلثة تربط جبين بعيني الأشخاص الآخرين، وهذا ما يخلق مناخا من الجدّية والمسؤولية.

4.4. النظرة الخاطفة:

وهي النظرة السريعة والجانبية، والتي تستخدم عادة لإيصال إمّا الاهتمام أو العداء. فإذا ترافقت هذه النظرة برفع بسيط للحاجبين أو بابتسامة خفيفة، فهذا يعني أنّ هدفها التودّد والمغازلة. وإذا ما ترافقت هذه النظرة بتقطيب للحاجبين فهذا يعني أنّها نظرة عداء وازدراء وانتقاد للطرف المقابل.

 


هل اعجبك الموضوع :
author-img
Arbi Jabli, chercheur en sociologie et spécialiste en sciences de l'éducation

Commentaires