القائمة الرئيسية

الصفحات

الزواج من أجنبية... دوافعه وانعاكاساته الاجتماعية




الزواج من أجنبية... دوافعه وانعاكاساته الاجتماعية


الزواج من أجنبية... دوافعه وانعكاساته الاجتماعية

من المعقول أن يتزوّج الشاب بأجنبية لنسبها أو جمالها أو مالها، غير أنّ التنامي المتسارع لهذه الظاهرة وارتباطها بظواهر أخرى مثل ارتفاع نسب الطلاق والتشرّد والعنوسة في المجتمعات المحلية، أصبحت تطرح جملة من الاشكاليات الاجتماعية داخل المجتمعات المحلية والأجنبية على حد السواء. ونشير في هذا السياق إلى أنّ أغلبية المتزوجين من أجنبيات هم أولئك الموجودين على هامش المجتمع والذين يروا أن الارتباط بأجنبية هو بمثابة حبل النجاة من البطالة والفقر والتهميش. خلال هذه الورقة البحثية، نقدّم الأسباب الحقيقية التي تدفع شباب العالم النامي إلى التزوّج من أجنبية بقطع النظر على جنسيتها ولونها وسنّها ومرجعيتها الفكرية ونبرز تداعيات هذا الزواج وآثاره النفسية والعائلية والاجتماعية.

1. وسائط الزواج بأجنبية

أسهمت الثورة الالكترونية والرقمية التي يشهدها العالم اليوم في تطور ما يسمّى الزواج من أجنبي أو أجنبية، حيث أصبحنا نعيش في إطار المجتمع الشبكي الذي تجاوز كل الحدود الزمنية والمكانية، وبذلك تعدّدت وسائل الاتصال وتنوّعت، الأمر الذي ساعد في ربط علاقات بين شباب العالم النامي وفتيات ونساء الدول المتقدمة. ومن أبرز وسائط هذا الاتصال والتواصل: الفيس بوك والمسنجر والوا تساب والانترنيت والمواقع الالكترونية المخصّصة لعروض الزواج بأجنبية. كما يمكن أن يتم الزواج عن طريق الأقارب المقيمين بالدول الأجنبية، من خلال تأمين عمليات التواصل واللقاء بين طرفي الزواج.

2. دوافع الزواج بأجنبية

يطمح شباب العالم الثالث إلى الزواج من أجنبية من أجل تحقيق أهدافه الشخصية والعائلية. ولئن اختلفت هذه الدوافع من شخص إلى آخر، فإنّها في حقيقة الأمر تنقسم إلى دوافع موضوعية وأخرى ذاتية.

1.2. الدوافع الموضوعية

يعيش المجتمع الشبابي في البلدان النامية جملة من الصعوبات الاجتماعية نتيجة البطالة والفقر والتهميش. وبسبب هذه الوضعية المتأزمة، يندفع الشباب إلى المغامرة والمخاطرة من خلال الارتباط الرسمي بنساء أجنبيات. وكما هو معلوم أنّ الهدف الرئيسي لهذا الزواج هو تسوية وضعية الإقامة وربما الحصول على جنسية من الدولة المستضيفة وتمكينه من حقوقه الاجتماعية والخدماتية. إنّ فشل مناويل التنمية وعدم قدرة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على وضع استراتيجيات ومخطّطات واضحة يتم بمقتضاها استيعاب الطاقات الشبابية وإدماجها في سوق الشغل، يفرض على الشباب المهمّش البحث عن حلول سريعة وبأقل التكاليف الممكنة. ومن أبرز هذه الحلول التعرّف على امرأة أجنبية والزواج منها بقطع النظر عن حالتها الاجتماعية سواء أكانت أرملة أو مطلقة أو عزباء.

2.2. الدوافع الذاتية

يعتقد الكثير من الشباب أن السبيل الوحيد لتحقيق طموحاتهم الذاتية والعائلية والمتمثلة في امتلاك سيارة فاخرة وتحصيل ثروة معتبرة يحقق من خلالها الشهرة والتبجيل والتقدير الاجتماعي. ويذهب الأغلبية من شباب اليوم إلى الاعتقاد بأن الزواج من أجنبية هو متعة لا تضاهيها متعة أخرى خاصّة إذا ما تمّ الارتباط بإحدى الشقراوات أو الجميلات. وهذا ما يسهم في تلبية حاجياته العاطفية التي تنضاف إلى حاجياته المادية المعنوية.

3. انعكاسات الزواج بأجنبية على المجتمع

من البديهي أن تكون لهذه الظاهرة انعكاسات ايجابية وأخرى سلبية على المجتمع. ولنتمكن من الإلمام بمختلف الجوانب المحيطة بهذه الظاهرة التي بدأت تتنامى بصفة رهيبة جدا، نبرز ايجابياتها وتداعياتها السلبية على المجتمعات المحلية والدولية.

1.3. ايجابيات زواج الشباب من أجنبية

ما من شك أنّ زواج شباب العالم النامي من النساء الأجنبيات وخاصّة المنتميات لدول المركز قدّ يعزّز التواصل بين الأجيال ويحدث التلاقح الثقافي وتنتفي الفروقات على أساس العرق واللون وعالم متقدّم وآخر متخلف... والأهم من ذلك أن يتم القضاء على التعصّب للقيم والمبادئ والعادات والأعراف، وهذا يعني أنّنا إزاء تحوّل في النمط الفكري الذي سيعزّز عملية التكامل بين الشعوب ويشعرنا فعلا بأننا نعيش في مجتمع كوني. ويخفّف هذا النوع من الزواج العبء على دول العالم النامي، خاصة تلك التي تشهد ارتفاعا في نسب البطالة والفقر. فالزواج من أجنبية هو بمثابة التخطيط لاستثمار قادم خاصة وأن دول العالم النامي أصبحت تراهن على الجالية العاملة بالخارج من أجل إنعاش اقتصاداتها ( عملة صعبة، استثمار...). إضافة إلى ما سبق ذكره، تتخلص العائلات في البلدان النامية من التكاليف المادية المرهقة أثناء تزويج الأبناء (الخطوبة والمهر والزواج وتجهيز أماكن إقامة الزوجين...).

2.3. تداعيات زواج الشباب من أجنبية

رغم ايجابيات هذا الزواج فإنه لا يخلو من عديد السلبيات التي لها انعكاسات وتداعيات خطرة على المجتمع الدولي. فهذا النوع من الزواج لا يعمّر طويلا خاصّة وأنه بني على مصالح ذاتية، وسرعان ما تنكشف هذه الحقيقة ويكون مآله الفشل وبالتالي الطلاق والانفصال. ويتسبب هذا الطلاق في تشرّد العديد من الأطفال وضياعهم في متاهات قد تؤدي بهم إلى عالم الإجرام والقتل وتعاطي الممنوعات. وبما أن هذا الزواج هو في حقيقة الأمر "زواج مصلحة"، فإنّه ولاشك سيكون مبني على المكر والحيلة والخديعة، وهي مفاهيم قد تزعزع أمن المجتمع وسلامته، وتسهم بدرجة كبيرة في توتر العلاقات بين الشعوب وبين الدول نفسها. ولعلّ أبرز سلبيات الزواج من أجنبية، ارتفاع نسب العنوسة في المجتمعات المحليّة والتي تؤدي إلى استفحال ظواهر جديدة في المجتمع مثل تفشي ظاهرة الدعارة وارتفاع نسب الأمهات العازبات والتحرش الجنسي...

 



هل اعجبك الموضوع :
author-img
Arbi Jabli, chercheur en sociologie et spécialiste en sciences de l'éducation

Commentaires